اوثق عرى الايمان( ان تحب في الله وان تبغض في الله )
كاتب الموضوع
رسالة
سمو الروح الإدارة
عدد المساهمات : 186 نقاط : 28163 تاريخ التسجيل : 29/08/2009
موضوع: اوثق عرى الايمان( ان تحب في الله وان تبغض في الله ) الجمعة يونيو 11, 2010 3:47 am
من اوثق عرى الايمان :
ان تحب في الله وان تبغض في الله
إن عقيدةَ الولاء والبراء هي أصل من أصول الدين، وهي أساس من أسسه؛ عليه وبه يستقيم حال الأمة، وتظل الأمة محتفظةً بخصائصها وقيمها، فلا تذوب في التيارات الجارفة المتلاحقة، والتي تريد أن تعصف بقيم هذه الأمة من أجل أن تنهار أو تستسلم فيُقضى عليها.
ولولا عقيدة الولاء والبراء ما بقي على وجه الأرض مَن يُوحِّد الله تبارك وتعالى، وهذه خاصية من خصوصيات هذه الأمة قد تميَّزت بها عن غيرها من الأمم المعاصرة، وبهذه العقيدة ومن هذه العقيدة تستمد الأمة بقاءها ووجودها، وهذا سر بقاء هذه الأمة شامخة صامدة بلا انهيار، فكم من أممٍ انهارت وانقرضت على مرِّ الزمان وعبر التاريخ! إلا هذه الأمة الصامدة التي تتلقى الطعنات والهجمات والحروب المتتالية فتبقى عقيدة الولاء والبراء هي الدرع الواقي لهذه الأمة، وتتمثَّل هذه العقيد قضية الحب في الله والبغض في الله.
إن الحبَّ في الله تعالى والبغض في الله من لوازم ومقتضيات الإيمان بالله تبارك وتعالى، وهذا لا يتحقَّق إلا بتنفيذ هذه العقيدة قولاً وفعلاً في واقع الأمة آحادًا وجماعات، وهذا إنما يتحقق بإخلاص العبادة لله تبارك وتعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ (العنكبوت: من الآية 69)، فكلما أخلص الشخص العبادة لله تعالى وحده ازداد تحقيقًا للحبِّ في الله والبغض في الله.
والحب عمل قلبي، وتحققه يكون بعبادة الله تبارك وتعالى بإخلاص، وهو الولاء، أي أن الحب والبغض أمر باطن في القلب، والولاء والبراء أمران ظاهران، كالنصح للمسلمين ونصرتهم والذب عنهم ومواساتهم، وترك التشبه بالكفار، ومخالفتهم، وعدم الركون والثقة بهم.
أوثق عرى الإيمان
والحب في الله والبغض في الله أو الولاء والبراء من أوثق عرى الإسلام؛ ففي الحديث قال المصطفى- صلى الله عليه وسلم-: "أوثق عرى الإيمان: الحب في الله والبغض في الله"، وفي حديثٍ آخر قال- صلى الله عليه وسلم-: "مَن أحب في الله وأبغض في الله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان" (رواه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك).
ومن هذا الحديث نلاحظ أن الحب في الله والبغض في الله ليس من الإيمان فقط، وإنما هو من أوثق عرى الإيمان، فإذا أخذت الأمة آحادًا وجماعات بهذه العقيدة وطبَّقتها واقعًا ما تكالبت علينا الأمم من صليبيين ويهود، وما تمزَّقت الأمة وتشرذمت، وما ضاعت فلسطين وما تفتَّت، أو انهار العراق وما تنجست عاصمة الخلافة الإسلامية بغداد بالأمريكان كما هو واقع الآن.
إن عقيدةَ الحب في الله والبغض في الله هي أساسٌ وأصلٌ من أصول استقرار دولة الإسلام وتماسك الأمة، بها تصبح الأمة قوية عزيزة أبية على الظلم والضيم.
أهمية الحب في الله والبغض في الله
- أنهما شرطان لقبول إسلام الشخص: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يبايع على هذا الأمر العظيم؛ فقد روي عن جرير بن عبد الله البجلي- رضي الله عنه- أنه قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبايع فقلت: يا رسول الله.. ابسط يدك حتى أبايعك، واشترط عليَّ وأنت أعلم، فقال: "أبايعك على أن تعبد الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتُناصح المسلمين، وتفارق المشركين" (أحمد والنسائي).
انظر إلى الحديث يؤكد ويؤصل تلك العقيدة؛ فهذه العقيدة من شروط قبول إسلام الفرد، وإلا لما اشترطها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في البيعة- كما ترى- مبايعة على النصح للمسلمين الذي به يتحقق الحب في الله عمليًّا، وعلى مفارقة المشركين وبه يتحقق البغض في الله عمليًّا.
صور من الحب الزائف
حب الله وحب رسوله وحب المسلمين من أعظم الفرائض والواجبات التي على الأمة أن تتمسًّك بها، والناظر إلى واقعنا وحالنا يجد أن هذا الأصل قد ضاع أو ضُيِّع، وأن ألوانًا من الحب الزائف انتشرت، كالحب من أجل الشهوات؛ فالبعض يتحابون من أجل المال كما يتباغضون من أجل المال، والبعض يتحابون من أجل العشيرة أو القبلية، وقد يدفعهم ذلك إلى التعصب والعصبية "ليس منا من دعا إلى عصبية"، وارتكاب الجرائم من أجل القبيلة والعشيرة؛ فمقياس الحب والبغض عندهم هو القرابة والعشيرة لا الدين؛ فإذا كان الشخص من قبيلتهم أحبوه وفضَّلوه على غيره من المسلمين وانتصروا له بالحق وبالباطل، ولو كان تاركًا للصلاة مثلاً، وكذلك الشخص يبغضونه إن لم يكن منهم أو من قرابتهم ولو كان صالحًا تقيًّا ورعًا.
والبعض يتعصب لقوميته ووطنه على حساب انتمائه الإسلامي؛ فهذا عراقي وهذا كويتي وآخر مصري يعتز بفرعونيته ويدعو إلى الانسلاخ من عروبته أو التنكر لانتمائه الإسلامي لهذه الأمة، وآخر عراقي يعتز ويفتخر بآشوريته فيجب أن يكون مقياس الحب والبغض هو مدى طاعة الله تبارك وتعالى.
بين البغض والبر
علينا أن نفرِّق بين بغض الكفار ومعاداتهم والبر والإقساط إليهم؛ فليس المقصود بالبغض هو ظلم من ليسوا على ديننا؛ لأن الظلم في دين هذه الأمة محرَّم، سواء كان الواقع عليه الظلم مسلمًا أو مشركًا أو من أهل الكتاب؛ فقد أمرنا أن نبغضهم لا أن نظلمهم، بل أمرنا أن نبرَّهم.
قال تعالى: ﴿لا يَنْهَاكُمْ اللهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ (الممتحنة: ، وقال تعالى في الحديث القدسي: "يا عبادي.. إنِّي حرمتُ الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا".
فنحن مطالبون ببرهم والإحسان إليهم وفعل الخير معهم، ولسنا مطالبين بل منهيون عن الارتماء في أحضانهم وتمليكهم وتوليتهم على أموالنا يتصرفون فيها كما يشاءون؛ فأموال الأمة وثرواتها يجب أن تستثمر في أرض هذه الأمة ليعود الخير على أبناء هذه الأمة؛ فليس هناك مبرر لوضع الأموال والثروات في بنوك أعداء الأمة؛ يستثمرونها ويشيدون المصانع، بل يصنعون السلاح الذي يفتكون به ويقتلون به أبناء هذه الأمة، وقد تناسينا قوله تعالى: ﴿لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاً وَلا ذِمَّةً﴾ (التوبة: من الآية 10)، وقال عز وجل: ﴿كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاً وَلا ذِمَّةً﴾ (التوبة: من الآية .
ثمار الحب في الله والبغض في الله
- تحقيق أوثق عرى الإيمان كما قال صلى الله عليه وسلم: "أوثق عرى الإيمان: الحب في الله والبغض في الله".
- تذوق حلاوة الإيمان كما جاء في حديث أنس: "ثلاث من كُنَّ فيه وجد حلاوة الإيمان" وذكر منها صلى الله عليه وسلم: "أن يحب المرء لا يحبه إلا لله" (الشيخان).
- الدخول في ظل الله يوم لا ظلَّ إلا ظله؛ ففي الحديث: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله" وذكر صلى الله عليه وسلم: "رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرَّقا عليه". - تحصيل ولاية الله تبارك وتعالى، عن ابن عباس: "من أحب في الله وأبغض في الله، ووالى في الله وعادى في الله، فإنما تنال ولاية الله بذلك"، وقال الله تعالى في الحديث القدسي: "وما تقرب عبدي بشيء أحب إلى مما افترضته عليه، ولا يزال العبد يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه".
- النجاة والسلامة من فتن الاتباع: قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ﴾ (الأنفال: 73)، قال ابن كثير في تفسيره: "أي إن لم تُجانبوا المشركين وتوالوا المؤمنين، وإلا وقعت فتنة في الناس، وهو التباس واختلاط المؤمنين بالكافرين، فيقع في الناس فساد كبير منتشر عريض طويل" (ابن كثير: 2/216).
فاللهم اهد ولاة أمورنا لما فيه صلاح هذه الأمة وتماسكها وظلنا يا الله في ظلك يوم لا ظل الا ظلك.
اوثق عرى الايمان( ان تحب في الله وان تبغض في الله )